قبل
أيام اتصل بي أحد الزملاء يبلغني برغبة إحدى وزارات الثقافة العربية لدعوة
مجموعة من كبار نجوم الفن السعودي لكي يساهموا بحضورهم بتنشيط السياحة في
بلدهم، تفكير سليم وذكي ولكن إجابتي للزميل العزيز أحرجتني، ولكن كسرت حالة
الخجل الإعلامي وأخبرته أن كبار مطربي السعودية (مُتقاولون) مع متعهد
فنادق معروف ويرتب حفلات فنادقهم التي يغنون فيها للخليجيين فقط وبتذاكر
مالية فلكية، ودورنا كصحافة كل صيف نردد نفس العناوين الصحفية: الفنان "س"
يضيء سماء القاهرة أو لندن حتى في عز ضبابها، وهكذا، مع الاعتذار لاستعمالي
كلمة متقاولين رغم أنها الحقيقة!!.
محزن واقعنا الثقافي والفني، مهرجان أبها وجدة في الصيف كان من أكبر
دعامات نجاحهما الحفلات الفنية وبقدرة قادر اختفت هذه الحفلات، وأصبحت من
المنبوذات وعدنا لاسطوانة المجتمع المثالي، وعلى بعد ساعة بالطائرة وتحت
رطوبة لا تطاق وأجواء حارة وبحفلات فنية لفناني السعودية الكبار استطاعت
دبي أن تسحب البساط وبسهولة من غيوم أبها وتخبطات منظمي مهرجان جدة ولا
ننسى مهرجاناتنا الطريفة الأخرى!.
أهم من غنى للوطن، وأعذب من أشجى أحاسيسنا، وأروع نموذج لذائقتنا
الفنية، وسفير آهاتنا وفرحنا للعالم الآخر، يصبح في ليلة وضحاها مجرد حالة
إنسانية لا نعلم ولم نتأكد هل أصيب بجلطة أو اثنتين أو والكثير من (أو)،
تخيلوا، تاريخ ثقافي وفني نتناقل أخباره باجتهادات وأحياناً بإشاعات، وصلت
أبشعها أن نشيع خبر وفاته (أطال الله في عمره)، زملاء من كبار الإعلاميين
كانوا يندهشون عندما كنت أقول لهم لا أعرف الجديد من أخباره، حتى عندما
ذكرت ذلك في تحقيق صحفي مع زميل عزيز على قلبي، تفاجأنا بعد ذلك ببيان
لشركة روتانا (ملخبط) واتصل بي الزميل وقال لي أنك حركتهم، فرديت أننا نخاف
كعادتنا من الحقائق، من المحزن أن أتحدث بهذه الأريحية ونحن قبل أيام
شاهدنا عملاً صحفياً (تأبينياً) عن القدير محمد عبده، وحقق محمد عبده حتى
وقلبه يتألم ويتعب (الأسبقية) بين نجوم الثقافة والفن في السعودية، كون
فنان العرب كتب عنه عمل صحفي رائع للزميل عبدالرحمن الناصر وهو (حي يرزق)
وليس كعادتنا المحبطة في فرد الصفحات والبحث المضني عن الصور القديمة
والنادرة عندما يموت مبدعينا.
محبط أن تصل بك الحالة الكتابية الفنية لهذه المرحلة من الألم الكتابي
الواقعي، تخيلوا كمية الجحود التي نعيشها، وتصبح جميع اهتماماتنا هي البحث
والبحث عن من كان مع منال الشريف (نجمة الأحداث الإعلامية في السعودية
لمجرد أنها قادت سيارتها لدقائق) يصورها ومن كانت وراء إنزال المقطع على
اليوتيوب، بالفعل نحن عشوائيين في تعاملنا مع الأحداث حولنا.
كنت أتمنى وجود صوت رسمي سعودي يطمئننا نحن وعشاق صوت محمد عبده من
العرب أن حالته الصحية جيدة، لأنه من غنى (فوق هام السحب) وغيرها المئات من
الغزليات بالوطن، ومن الغزليات بالأحاسيس كالأماكن وجمرة غضى وخواف ومطر،
بالفعل محبط واقعنا ولكن الاتفاق مع نجومنا من أي جهة رسمية عربية لن يتغير
وسيكون عبر (المقاول العربي) نفسه!!.